الطائرات الورقية للمعارك من شيرونه

السبت, 12.08.17, 20:00

السبت, 20.01.18

القيم على:

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-8383554

شارك

الطائرات الورقية للمعارك من شيرونه

من ابداع الفنانين أندو هيرومي وكازامه ماساو

 

الطائرات الورقية اليابانية هي الأكثر إثارة في العالم ولأنها لعبة فهي تسلب الألباب. تتكون الطائرة الورقية من الخيزران أو خشب رقيق، عليه يركَّب ورق ياباني (Washi) المصنوع من قشرة شجرة الكوزو (Kozo) من عائلة التوت. الورق ملون ومزين. معظم فناني الطائرات الورقية يرسمون بالفرشاة والحبر، لكن في أيامنا هناك من يعدها بطبع الحرير أو الأوفست. مواضيع الرسومات والزينة المفضلة عند فناني الطائرات الورقية هي مقاتلين أسطوريين، شخصيات تاريخية وأسطورية، الراهب البوذي داروما (Daruma)، سبعة آلهة الحظ الحسن (Shichifukujin)، ممثلي مسرح الكابوكي (Kabuki)، مصارعي السومو (Sumo)، السلاحف وطائر الكركي الذين يرمزون لطول العمر، الشبوط الذي يرمز للقوة والشجاعة، الحشرات، الطيور والأشكال الهندسية المختلفة. يتم بناء الطائرات الورقية بأحجام مختلفة: من طائرات ورقية صغيرة حجمها بضع سنتمترات معدودة حتى إلى الطائرات ورقية ضخمة قد يصل طولها إلى عشرين متر، وتتطلب مهارة خاصة لتطيرها بنجاح.

تم اختراع الطائرة الورقية في الصين قبل ألفي عام. المؤرخون يرون في الطائرة الورقية الصينية مصدر الطائرة الورقية التي تطورت في اليابان. أول ذكر للطائرة الورقية في اليابان موجود في قاموس الرموز الصينية (Wamyo ruiju sho)، الذي كتبه الشاعر والمفكر ميناموتو نو شيتاجو (Minamoto no Shitagu) عام 981 م. في تلك الأيام، كانت تُسمى الطائرة الورقية ‘صقر ورقي‘. يوحي الاسم أن شكل الطائرة الورقية كان طيرا. القاموس يشرح كلمة طائرة ورقية – ‘مصنوعة من ورق على شكل صقر يستطيع ركوب الريح‘، والرمز الصيني: ‘شيروشي‘ (Shiroshi) – ‘صقر ورقي فاخر‘، أو ‘شيان‘ (Shien) – ‘طائرة ورقية‘ أو ‘صقر ورقي‘. وحقيقة أن هذه الكلمات تظهر في القاموس كرموز صينية فقط وإلى جنبها لا تظهر كلمة من اللغة اليابانية الأصلية، تقوي حجة أن الطائرة الورقية أُحضرت إلى اليابان من الصين. على الرغم من أن ليس هناك توثيق كاف عن تاريخ الطائرات الورقية في اليابان، فإنه يمكن الافتراض أنها قد استورِدت في فترة نارا (Nara، 710-794) بيد الرهبان البوذيين. خلال هذه الفترة وفترات لاحقة كان للطائرة الورقية صلة وثيقة بالدين من ناحية والمغامرات العسكرية من ناحية أخرى.

الكلمة اليابانية ‘إكانوبوري‘ (Ikanobori)، وإيجازها، ‘إيكا‘ (Ika)، تعتبر أكثر الكلمات القديمة التي تشير إلى وجود طائرة ورقية. تظهر في الموسوعة مصورة (Wakan sansai zue) منذ عام 1712. الكلمة اليابانية الحديثة ‘تاكو‘ (Tako)، التي حلت محل كلمة ‘إيكا‘، مصدرها بلفظ كان متداولا في منطقة كانتو (Kanto) من فترة ايدو Edo);  (1868-1600. الكلمتان هما تلاعب لغوي يشير إلى شكل الطائرة الورقية خلال هذه الفترات: الكلمة ‘إيكا‘ باللغة اليابانية تعني ‘حبار‘، والكلمة ‘تاكو‘ تعني ‘أخطبوط‘. المشار إليها في الموسوعة أعلاه، وفي المصادر من فترة إيدو الطائرة الورقية موصوفة ذات شكل بيضوي لها ذيول طويلة تشبه أذرع الأخطبوط، هذا الوصف لُمح إليه بالفعل في تلاعب الكلمات. الرمز الصيني المستخدم اليوم لكتابة الكلمة ‘تاكو‘، أي طائرة ورقية، يتألف من الرمزين ‘ريح‘ و ‘قماش‘. في منطقة ناغازاكي (Nagasaki)، الكلمة القديمة لطائرة ورقية كانت ‘سمكة طائرة‘ (Ago-bata)، لأن كان لها شكل سمكة. في ناغازاكي تسمى الطائرة الورقية أيضا ‘خفاش طائر‘ (Komori-bata). النغمة باتا (Bata) مصدرها من النغمة باتا-باتا، (Bata-bata) التي تعني ‘فديد الأجنحة‘، اليوم تسمى الطائرة الورقية في ناغازاكي ‘العلم‘ (Hata). ناغازاكي هي أول مدينة ميناء في اليابان التي رست فيها السفن التجارية الهولندية والبرتغالية ووصل معها المبشرين المسيحيين في القرن السادس عشر. اسم 'العلم' يعني وجود الأجانب في هذه المدينة.

يعزو الباحثون للطائرة الورقية وظيفة دينية تقليدية متجذرة في المهرجانات الإقليمية التي تنعقد حتى اليوم. العلاقة بين الطائرات الورقية وبين آلهة ديانة الشنتو ((Shinto قديمة. رأى اليابانيون بالطائرات الورقية أداة تربط السماء والأرض، بين آلهتهم وعالمهم وعالم الإنسان والأرض. كان هناك من أرسل طائرات ورقية إلى السماء كقربان أو صلاة للآلهة. قربان الطائرة الورقية أمّن حماية من الشر، الصحة الجيدة، الحظ الجيد وخاصة الحصاد الناجح. كان يمكن اقتناء الطائرات الورقية من المعابد وعليها التمائم ضد سوء الحظ. في القرن الثامن عشر عُقدت مهرجانات طائرات ورقية في فصل الخريف ليشكروا الآلهة على محاصيل الأرض. في بعض المناطق حتى ربطوا حزم الأرز للطائرات الورقية قربانا للآلهة. الطائرات الورقية حملت صلوات وشكر إلى أعلى في أعياد الخصوبة. في جريدة رسمية (Hizen no kuni fudoki) من فترة نارا كُتب ان كاهن الدين (شامان) أطلق جهازا على شكل علم في الهواء إلى مكان بعيد; كان يعتزم أن يسقط هذا الجهاز فيه ويطهر المنطقة. قد يكون هذا الجهاز طائرة ورقية.

في المناطق اكيتا (Akita) وأأوموري (Aomori) لديهم طائرات ورقية حديثة زينت بشخصيات الشياطين. وتعتبر هذه الآثار الأخيرة للاعتقاد الشعبي بأنه يتم تصميمها لطقوس التطهير الديني ولطرد الشر. تم إطلاق الطائرات الورقية كصلاة من اجل السلام وضمان صحة الأسرة. حتى بداية عصر ميجي (,Meiji 1868-1912) اعتادت عائلات في مدينة كاكوتا (Kakuta) من منطقة مياجي (Miyagi) تصميم الطائرات الورقية الصغيرة، والتسجيل عليها اسم المرسل وإطلاقها نحو الجبال في رأس السنة. ثم قطعوا الحبل الذي يربط بين الطائرات الورقية وأُرسلت قربانا لـ‘كامي‘ (Kami) - للآلهة المحلية (وفقا لبعض الاعتقادات أن عددا من آلهة شنتو تسكن الجبال). وكان هدفها طلب الأمن والرخاء في العام الجديد. في كوريا أيضا تُطيَّر الطائرات الورقية في رأس السنة الجديدة مكتوب عليها ‘أُغرب عنا سوء الحظ، وابقى حسن الحظ‘، ثم يقطعون الخيط والطائرات الورقية تطير بعيدا. ومن يجد طائرة ورقية كهذه لا يأخذها بسبب الاعتقاد أنه يمكن بذلك أن يأخذ الحظ السيء. الحظ السيء والطائرة الورقية نهايتهما الاهتراء في الرياح الشتوية والثلوج. عادة مماثلة سائدة في الصين، فإن من يجد طائرة ورقية بعد التاسع من شهر أيلول مفروض عليه أن يحرقها كي تفني النار الحظ السيء. حتى اليوم، يلتقي مطيرو الطائرات الورقية في اليابان في معابد الشنتو بمنطقة كاناغاوا (Kanagawa). في نهاية اللقاء يحرقون طائرة ورقية عملاقة قربانا لإله المعبد من أجل أن يضمنوا حصادا ناجحا.

الإيمان بفضائل الطائرة الورقية هو أيضا لصالح الأطفال. الأهل الذين يولد لهم الولد الأول يتلقون طائرة ورقية تحمل مباركة مناسبة، أو رسمة لإله كي يحمي الطفل حديث الولادة ويبارك له بحياة طيبة وناجحة. طائرات ورقية أخرى تحمل رسومات أبطال من الحكايات الشعبية والأساطير. صورة كينتارو (Kintaro، ‘الفتى الذهبي‘) مفضلة بشكل خاص. كان والدي كينتارو (ويسمى أيضا كينتوكي، Kintoki) فقراء للغاية، ولم يستطيعوا تحمل عبء تربية ابنهما. تركوه في غابة في الجبال حيث نشأ وترعرع هناك تحت رعاية الدببة حتى أصبح رجلا قويا وشجاعا. في الفن الياباني يمكن التعرف عليه حسب وجهه المستدير الأحمر. على الطائرات الورقية في كثير من الأحيان تظهر سمكة الشموط، ‘كوي‘ (Koi)، بجانب كينتارو، وهذه الطائرات الورقية تسمى أحيانا ‘كويكين‘ Koikin)).

في رأس السنة، الأهل الذين يولد لهم الولد الأول يطيرون الطائرات الورقية عليها رسمة طائر الكركي، أو سلحفاة باعتبارهما رمزا لطول العمر (وفقا للاعتقاد، يعيش الكركي ألف عام، والسلحفاة عشرة آلاف عام). أحيانا يسجلون اسم ابنهما على الطائرة الورقية. إذا حلقت الطائرة الورقية عاليا، الابن يكبر ليكون رجلا قويا وبصحة جيدة وتحل عليه النعمة. في بعض المناطق الريفية، الجد والجدة يمنحان الحفيد طائرة ورقية احتفالية (Engidako): للأولاد في عيد البنين (في الخامس من أيار) وللبنات اللاتي تحتفلن بعيد الدمى الأول (في الثالث من آذار). على ما يبدو هذه العادة تحافظ على التقاليد القديمة المرتبطة بفضائل الطائرة الورقية لضمان صحة جيدة للطفل. في بعض الأحيان، في رأس السنة الطفل الياباني يحصل على طائرة ورقية وعليها بركة كما الطفل في الغرب يحصل على هدية عيد ميلاد.

ترتبط الطائرات الورقية أيضا بالمقاتلين والمعارك. يروى ان الطائرات الورقية استخدمت لحمل الرسائل والإشارات لمسافات بعيدة والأماكن التي يصعب الوصول إليها. في بعض القصص موصوفة كأدوات طيران مُرتجلة التي أُرسل عليها محاربين شجعان إلى حقول العدو. معظم هذه القصص أسطورية ومستحيلة، ولكن البعض منها واقعي تماما. في حرب الثلاث سنوات المتأخرة (1083-1087)، الخادم كيوهارا نو إييهيرا (Kiyohara no Iehira) أرسل رسالة الى سيده باستخدام طائرة ورقية. في مقاطعة شيزووكا (Shizuoka)، أسطورة محلية من القرن الـ16 تقول ان حاكم سوروجا (Suruga) إيماغاوا يوشيموتو (Imagawa Yoshimoto)، طلب من أحد عبيده أن يطير طائرة ورقية ترتفع عاليا فوق أسوار القلعة رمزا للانتصار. هذا الاستخدام للطائرات الورقية يشير إلى بداية الطائرات الورقية من سوروجا الملونة التي يُحتفل بتحليقها بسرور كبير إلى اليوم. الطائرات الورقية تطيَّر في الخامس من أيار - عيد البنين ورأس السنة الجديدة. الطائرات الورقية سوروجا تشبه سهما عريضا رأسه يتجه نحو الأسفل.

أسطورة أخرى تروي أن البطل ميناموتو نو تاميتومو Minamoto no Tametomo)،(1177-1139 ، محارب من قبيلة جينجي (Genji)، الذي نُفي مع ابنه إلى جزيرة أوشيما (Oshima)، واحدة من جزر ايزو (Izu). تاميتومو بنى طائرة ورقية عملاقة كي تحمل ابنه وتعيده إلى جزيرة هونشو (Honshu). القصة الأكثر شهرة حول تحليق رجل فوق طائرة ورقية تسربت إلى منصة مسرح الكابوكي في عام 1782، وأصبحت المسرحية المعروفة ‘سرقة الحراشف الذهبية‘ (Keisei kogane no shachihoko) من تأليف ناميكي جوهيي Namiki Gohei)). المسرحية تحكي عن اللص المعروف كاكينوكي كينسوكه (Kakinoki Kinsuke)، والمعروف أيضا باسم كاكينومورا كينسوكه Kakinomura Kinsuke))، الذي اقترض عام 1712 طائرة ورقية عملاقة حتى يتمكن من أن يرتفع طائرا إلى قلعة ناغويا (Nagoya) وسرقة الحراشف الذهبية للسمكة بشكل الدلفين التي كانت هناك على الصاري. واستخدمت الطائرات الورقية العملاقة أيضا في القرن السابع عشر كرافعة لرفع القرميد لبناء أسقف المعابد الكبيرة.

مر مائتي إلى ثلاث مائة عام إلى أن تحولت الطائرة الورقية من أداة تستخدم فقط في الاحتفالات الدينية إلى لعبة ممتعة ومسلية. ربما جاءت هذه النقلة بسبب الطابع المريح لديانة الشنتو، التي أتباعها يعبدون الآلهة بمتعة ونعمة دون الاحتياج إلى قواعد الثواب والعقاب. كانت الطائرات الورقية ‘وسيطا‘ ممتعا بين المقدس والدنيوي. في الواقع، اليوم الطائرة الورقية تستخدم بشكل رئيسي كمصدر للتسلية، لكن لها أهمية خاصة لأن الرسومات التي تزينها تحافظ على المعتقدات والأساطير التقليدية.

في فترة ايدو انتشرت الطائرات الورقية كلعبة شعبية بعيدة نوعا ما عن التقاليد. وإذا أخذنا المطبوعات الخشبية من تلك الفترة كمصدر تاريخي موثوق به، سماء ايدو كانت مليئة بالطائرات الورقية. في هذه الفترة حازت الطبقة الوسطى على رخاء اقتصادي، رافقه حياة الترف. عالم التسلية والمسرة أتى بتطوير المطبوعات الخشبية (Ukiyo-e) موضوعاتها عكست هذه الحياة: صور متعددة الألوان من مسرح الكابوكي وارباع المتعة انتشرت بكميات كبيرة. هذه الأجواء أدت في فترة إيدو المتأخرة لتطور الطائرات الورقية كأغراض تسلية. كان حب الطائرات الورقية في الغالب رائجا عند طبقة التجار، الذين سربوا هذا التسلية للمجتمع أجمع. الطائرات الورقية كانت محببة جدا لدى أبناء الطبقة الوسطى الذين طيروها فوق قلاع الحكام ‘لينظروا عليهم من أعلى‘. هذه الممارسة حُظرت من قبل جنرالات الجيش ‘الشوغون‘ (Shogun)، لأن الطائرات الورقية اخترقت خصوصيتهم. معارك الطائرات الورقية Tako-gassen)) جذبت جمهورا متحمسا في فترة إيدو، وخاصة موظفين وممثلي الجماهير. كان المتفرجون هم الحكام عندما أُطلقت طائرات ورقية ضخمة متنافسة من قبل مجموعات من الناس عند جانبي النهر.

على الرغم من الافتراض بأن هذه الطائرات الورقية زينت بالرسومات منذ العصور القديمة، في الواقع معظمها لم تلون. الطائرات الورقية الملونة، التي رسمت بالعديد من الألوان بموهبة كبيرة، تطورت بعد فترة جنروكو 1704-1688 ,Genroku)). في نهاية القرن الـ17 بدأ أفراد أسر الساموراي بتزيين الطائرات الورقية برسومات التنين أو كلب- الأسد (Shishi) مثل لوحات الفنانين من مدارس توسا (Tosa) وكانو (Kano)، الذين رسموا على الأبواب المنزلقة (Fusuma) والمخطوطات في منازلهم. الطائرات الورقية التي حملت صور المحاربين طُيرت في الأساس بأيدي أفراد طبقة التجار، الذين نالوا متعة كبيرة خصوصا من الرومانسية العسكرية وحولوها إلى موضة. حوالي العام 1780 صارت الطائرات الورقية مذهلة جدا، حتى تم حظر الطائرات الورقية الفاخرة جدا بيد الحكومة، لأنها اعتبرت ترفا. لذلك، بدأت تظهر طائرات ورقية بشكل أكثر بساطة، لكن ملونة جدا وعليها مسجلة رموز صينية مثل 'التنين' (Ryu)، ‘الكركي‘ (Tsuru) والسحلب (ran). عند نهاية فترة إيدو بدأت الطائرات الورقية تصل إلى المحافظات كهدايا تذكارية أحضرها المحاربون المتجولون والتجار. الطائرات الورقية الأكثر شهرة كانت ‘نيشيكي-إ' (Nishiki-e dako)، مواضيعها مأخوذة من المطبوعات الخشبية والطائرات الورقية ‘ياكو‘ (Yakko-dako)، التي حملت تصوير مواضيع ساخرة عن المحاربين

 

(Yakko) وأسلحتهم المسلولة في أيديهم. هذه الطائرات الورقية هي نماذج للطائرات الورقية الحديثة. تمثل فترة إيدو الذروة في تطور الطائرات الورقية وتصميمها أصبح ثابتا ويستخدم حتى اليوم.

أصل الطائرات الورقية الحديثة هو من فترة إيدو. طائرات ورقية مزينة بالمقاتلين الأسطوريين، تصف شجاعتهم وأعمالهم الطيبة. الطائرات الورقية هاتشيجوجيما (Hachijojima) مزينة برسم صورة تامتومو، وتروي بفكاهة أسطورة الهروب على متن طائرة ورقية. اليوم أيضا العديد من زينة الطائرات الورقية مأخوذة من عالم الحكايات الشعبية والأساطير، وعلى أخرى تورية كلامية وبصرية مختلفة. بالإضافة إلى زينة بالأنماط الهندسية، يمكن تقسيم تصاميم الطائرات الورقية لمواضيع شعبية بشكل خاص: شخصية البطل أو المحارب الأسطوري، مثل البطل التراجيدي ميناموتو نو يوشيتسونه (Minamoto no Yoshitsune)، شخصيات محبوبة في الفن الشعبي مثل داروما، الراهب البوذي الذي سقطت أطرافه بعد أن قضى تسع سنوات في التأمل، أقنعة كوميدية ​​ بشكل شخصيات أوكامه (Okame)، إلهة السعادة والوفرة وهيوتوكو Hyotoko))، رموز صينية وأحرف كانا (Kana) اليابانية. الكثير من محبي الطائرات الورقية يفضلون طائرات ورقية المصممة على شكل طيور وحشرات، مثل الزيز.

الطائرة الورقية اليابانية قطعت شوطا طويلا من الطائرة الورقية البيضاوية والطائرة الورقية بشكل طائر مع ذيول ترفرف في الريح. اليوم الطائرات الورقية هي ثنائية الأبعاد أو ثلاثية الأبعاد وللعديد منها ذيول بألوان زاهية وبراقة. طائرات ورقية على شكل مكعب أو اسطوانة الأكثر شعبية. طائرات ورقية مربعة، مستطيلة أو سداسية مرسوم عليها شخصيات مختلفة. الطائرة الورقية التي تتمايل بتموج مثل ‘طائرة ورقية ألفية الأرجل‘ (Mukade-dako)، مركبة من قطع مرتبطة معا هي المعقدة بين الطائرات الورقية التي تعتمد على شكل الطيور والحشرات. وأخرى مصممة لتلتف كدوامة أثناء الطيران، أو تتأرجح من جانب إلى آخر. اليوم أيضا الطائرات الورقية متعلقة بالتقاليد. في كثير من الأماكن في اليابان لا يزالون يطيرونها في أول يوم من رأس السنة، أو يمنحوها كهدايا للأطفال ويطيروها في شهري آذار وأيار، في عيد الدمى وعيد البنين. الأحداث والمهرجانات الأهم المتعلقة بالطائرات الورقية تحدث خلال هذه الأشهر. هناك أماكن تطيِّر الطائرات الورقية في عيد الموتى البوذي – ‘بون‘ (Bon).

معارك الطائرات الورقية لا تزال تجذب جمهورا كبيرا في اليابان. في مهرجان جنون الطائرة الورقية (Tako-kichi matsuri) تمتلئ السماء بمعارك الطائرات الورقية. الاحتفال بهذا المهرجان في شهر أيار في هاماماتسو (Hamamatsu) في مقاطعة شيزوكا وفي بداية شهر حزيران في شيرونه (Shirone) بمنطقة نييجاتا (Niigata) وهو مشهور جدا. تؤكد وثائق من فترة إيدو أن بداية مهرجان الطائرات الورقية في هاماماتسو عام 1558 عندما ساباشي جينجورو(Sabashi Jingoro) ، الذي كان خادما لأحد الإقطاعيين، طير طائرة ورقية عملاقة للاحتفال بولادة الأمير يوشيهيرو (Yoshihiro). الطائرات الورقية هاماماتسو مربعة. ارتفاعها 3.3 متر وتزن 10 كغم. لحبل الطائرة الورقية متصلة ملحقات حادة، مثل مسحوق الزجاج، كي يقطع حبل الطائرة الورقية للخصم وإسقاطها.

بداية معارك الطائرات الورقية في شيرونه على الأرجح كانت في القرن الثامن عشر. يحكون أنه عندما بنى السكان المحليين قناة مياه تؤدي إلى حقول الأرز، احتفلوا بانتهاء بناء القناة بتطير الطائرات الورقية. قصة أخرى تروي أن سكان القرى على جانبي القناة كانوا على خلاف فيما بينهم ولمنع معارك في الشوارع اقترح المحارب ميزوجوتشي (Mizoguchi) معارك طائرات ورقية لتحسم فيما بينهم. قصة أخرى تحكي عن أصل هذه العادة بأن طائرة ورقية عملاقة أُطلقت على جناح الريح إلى السماء انتقلت فوق القناة وسقطت على أسطح بيوت القرية المجاورة وتحطمت، ما سبب الضرر والذعر، وانتهى بالانتقام. في الأسبوع الثاني من شهر حزيران، يتجمهر الجميع لمهرجان جنون الطائرات الورقية الذي يرمز إلى المنافسة بين قريتين. لمدة أسبوع، في ساعات ما بعد الظهر، يطيِّر المشاركون طائرات ورقية بحجم 75X متر وتزن 40 كغم. هذه الطائرات الورقية تُطلق إلى السماء عاليا واحدة ضد الأخرى من قبل مجموعات متنافسة تضم 7-15 رجلا يقفون على جانبي النهر المحلي. الهدف هو بالطبع إسقاط الطائرة الورقية للخصم إلى الماء. كل مجموعة لديها تقنيات مختلفة بإطلاق الطائرات الورقية تعتمد على اتجاه الرياح. يمكن لكل مجموعة أن تطيِّر حتى اثني عشر طائرة ورقية في اليوم وبالتالي تعطى فرصة لتحسين نتائج المعركة. أعضاء الفريق يرتدون هابي (happi)، لباس عليه رمز المجموعة.

الطائرات الورقية العملاقة (Odako) التي تُطيَّر خلال شهري آذار وأيار في مدينة هوشوبانا Hoshubana)) في مقاطعة سايتاما (Saitama) شهيرة على وجه الخصوص. كي تحلق طائرة ورقية بحجم 1115X متر وتزن 600 كغم يتطلب عمل جماعي من 50 شخصا. يروى أن أصل هذه الممارسة من عام 1782 عندما طيَّر الراهب البوذي جوجين Jogen)) طائرة ورقية عملاقة للتنبؤ بمحصول الحرير. الطائرات الورقية حلقت في الفضاء قبل أن يمكن لأي شخص أن يصل إليه. كان لديها قدرة على البقاء في الهواء رغم البرق والمطر والعواصف. بما أن للطقس تأثير قاطع على تربية دودة القز، فقد كان من المنطقي تأمل سلوك الطائرة الورقية في السماء ومحاولة التنبؤ بالطقس. في فترة ميجي كانت الطائرات الورقية العملاقة لهوشوبانا قد تأسست كتقليد وهي تطيَّر كل عام منذ مائة سنة أو نحو ذلك. في آذار عام 1980 حطم سكان شيرونه الرقم القياسي العالمي غينيس وأطلقوا طائرة ورقية بحجم 19.0714.10 x مترا.

الطائرات الورقية تسوجارو (Tsugaru-dako)، أعمدتها مصنوعة من خشب ومُنتجة في محافظة أأوموري المعروفة بالأساس بالصور الملونة التي تزينها والضوضاء التي تصدرها أثناء الصعود، الضجيج يشبه صوت طائرات القصف وبالتالي حظر تطيرها خلال الحرب العالمية الثانية. الطائرة الورقية نوشيرو برابو Noshiro-berabo)) نموذجية لمحافظة أكيتا (Akita) وعليها وجه رجل أو امرأة بشعان لسانهم متدلي. في مقاطعة فوكوشيما (Fukushima) ينتجون الطائرة الورقية، الـ‘أيزو كارابيتو‘ (Aizu Karabito-dako)، موصف عليها وجه له نظرة متجهمة لـ'بربري جنوبي‘ (nanban). الطائرة الورقية الأكثر شهرة في محافظة نيجاتا هي الطائرة الورقية السداسية (Rokkaku-dako). فهي طائرة ورقية للمعارك رسمت بمهارة فائقة وتشارك في معارك الطائرات الورقية في شيرونه.

محافظة تشيبا (Chiba) معروفة بالطائرة الورقية المُجلجلة (Kazusa karabito-dako)، حيث هيكلها الطويل والضيق يخلق هادرا قويا عندما تُحلّق، وكذلك بفضل الطائرة الورقية على شكل الكيمونو (Sode-dak)، عليها صورة محارب. استمرارا لتقاليد ايدو مصنعة في طوكيو الطائرات الورقية مع صور للمقاتلين (Yakko-dako) والطائرات الورقية-ايدو Edo- dako)) التي تذكر بالمطبوعات الخشبية (Nishiki-e-dako) الملونة من القرن الثامن عشر.

الطائرات الورقية النموذجية لمنطقة ايتشي (Aichi) هي بشكل حشرات وطيور (Sakurei-dako). الطائرات الورقية لمنطقة توتوري (Tottori) مزينة بالرموز الصينية ‘كركي‘ و ‘سلحفاة‘ (Taisha iwai-dako) وتلميحا باسمهما هما يرتبطان بمعبد الشنتو ايزومو (Izumo taisha). مقاطعة كاجا (Kaga) المعروفة بالأساس بالطائرات الورقية بشكل الحبار (Takamatsu ika-dako). الطائرة الورقية الدائرية (Wanwan-dako) لمقاطعة توكوشيما (Tokushima) هي من بين الأكبر حجما في العالم.

في مقاطعة فوكوكا (Fukuoka) الطائرات الورقية مزينة بصور التنين أو الشياطين (Kaminari dojin). هي ثنائية الأبعاد وخط هوامشها منحني ومعقد. المدينة ناغازاكي، التي فُتحت رسميا كميناء رئيسي للسفن البرتغالية والهولندية عام 1571، كانت مركزا لثقافة ‘البرابرة الجنوبيين‘. بين شهري آذار وأيار، تطير الطائرات الورقية ‘علم ناغازاكي‘ (Nagasaki hata) طائرات ورقية مقاتلة بألوان الأزرق، الأحمر والأبيض كألوان العلم الهولندي، المرفوع على صواري السفن الهولندية التي دخلت الميناء. شكل الطائرات الورقية يشبه إلى حد ما الطائرات الورقية الهندية للمعارك ويمكن انها استُقدمت إلى اليابان من قبل التجار الأجانب من الهند. مثل الطائرات الورقية المقاتلة الأخرى، الطائرة الورقية، ‘علم ناغازاكي‘، مزودة بخيط عليه الزجاج المكسر أو مسحوق الزجاج كي يؤذي الطائرة الورقية للخصم. في ناغازاكي مقبولة أيضا الطائرة الورقية الغريبة ذات الشكل الوحشي (Baramon-dako) المزينة بوجوه مشوهة وعباءة مزينة. يبدو أن هذه الطائرة الورقية استُقدمت إلى اليابان من الهند من قبل التجار البرتغاليين في القرن الـ16.

من منتصف القرن الثامن عشر فصاعدا انتشرت الطائرات الورقية بشعبية كبيرة في منطقة طوكيو ثم انتقل تدريجيا الحب للطائرات الورقية إلى جميع أنحاء اليابان. اليوم ربما صعب وصف ذلك، لكن في أوائل شهر كانون الثاني وفي شهر أيار الطائرات الورقية ملأت سماء اليابان. في الموسوعة من عام 1911 مكتوب أن التجار يطيرون الطائرات الورقية من مدخل محلاتهم بانتظار الزبائن. كانت الطائرات الورقية للجميع، الأطفال والكبار، وفناني الطائرات الورقية لم يقدروا تلبية الطلب. كان هذا العصر الذهبي لمصنّعي الطائرات الورقية ورأى كثير من الناس في ذلك مصدرا جيدا للدخل، فأصبحوا مساعدي بنائي الطائرات الورقية، أو بنوها بأنفسهم.

كان هوس الطائرات الورقية في ذلك الوقت فريد من نوعه ليس فقط في اليابان، أيضا تم الشعور به في أوروبا. اندلعت أعمال شغب في فرنسا بين مطيري الطائرات الورقية وفي عام 1736 حظر تطيرها في الأماكن العامة. ذهلت الحكومة اليابانية من حقيقة أن الناس نسوا وظائفهم، وتفرغوا الى تطير الطائرات الورقية. هوس الطائرات الورقية انتشر من ايدو عن طريق التوكايدو (Tokaido) إلى جميع أنحاء اليابان، والطائرات الورقية صارت ذات شعبية كبيرة كهدية رخيصة استطاعت كل يد تحملها. عرف فنانو الطائرات الورقية الإمكانيات الكامنة في موضوعات وألوان المطبوعات الخشبية من فترة إيدو فيرسموها بنفس الشكل على الطائرة الورقية حتى اليوم.

مع سقوط نظام توكوغاوا (Tokugawa) عام 1868 انفتحت اليابان ثانية للغرب، وصارت مكشوفة لتجديدات مختلفة. الفنون التقليدية تغيرت نتيجة ذلك بالتالي اختفت نهائيا. لم يسمح للعامة بحمل اسم عائلة يمكن الآن القيام بذلك. الآن سمح أيضا للفنانين التوقيع على أعمالهم، سابقا كان عدم الكشف عن الهوية قانون في العديد من الفنون. ومع ذلك، واصل فنانو الطائرات الورقية أن يكونوا مجهولي الهوية حتى القرن العشرين، وكتبوا على الطائرة ورقية فقط اسم الجنس: إدو-داكو أو شيرونه روكاكو، حسبه كان من الممكن أن تعرف فقط منشأ الفنان. اليوم فناني الطائرات الورقية يوقعون أسمائهم على أعمالهم.

الكثير من الطائرات الورقية تحلق عاليا، لكن يتم تقييمها أيضا على أنها أعمال فن شعبي وهناك جامعين يجمعونها. يتم إنتاجها في مناطق مختلفة في اليابان بيد فنانين هدفهم الحفاظ على أساليب بنائها التقليدية والمتفردة للمكان والزخارف التقليدية الفريدة. مثل الفنون الشعبية اليابانية الأخرى، تمثل الطائرات الورقية المناطق المختلفة التي بها تم إنتاجها، وهي تبث عبق اليابان القديمة.

 

د. إلانه زينجر بليين

متحف طيكوطين للفنون اليابانية

 

 

دخول مجاني للمعارض للأطفال والشباب حتى سن 18 خلال الأيام المتوسطة من سوكوت (6-11.10.17)

مدخل للأطفال حتى سن 16 مشروط على شخص بالغ يرافقه رسوم! * يمكن للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما الدخول بدون مرافقة * العرض غير صالح للمجموعات أو الزيارات الطلابية * لا يشمل الأحداث وورش العمل

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك