أثر الموجة - من أيقونة يابانيّة إلى عالميّة

تحت الموجة، قبالة كاناغاوا من السلسلة مشاهد جبل فوجي الستّة والثلاثون (1831-1833) للفنّان كاتسوشيكا هوكوساي (1760-1849)، هي مطبوعة بمقاس 26 على 39 سم. ورغم مقاساتها المتواضعة، ورغم أنّها مطبوعة طُبعت بكمّيّة تجاريّة، ووفقًا للمعايير الحديثة ليست شيئًا استثنائيًّا، إلّا أنّها تحظى بمكانة مرموقة في قائمة الروائع الفنّيّة العالميّة، وهي بلا شكّ أشهر عمل فنّيّ يابانيّ معروف في العالم. يقف جبل فوجي في مركز السلسلة بأكملها، وكذلك في مركز هذه الطبعة، رغم اختلال العلاقة بين حجم الموجة وحجم الجبل واسمها الشعبي الموجة العظيمة.

Image: ERCK (Erez Caspin), Human Nature, 2024, courtesy of the artist

المعرض "أثر الموجة – من أيقونة يابانيّة إلى عالميّة" يتناول العناصر الثلاثة التي تشكّل الموجة العظيمة – موجة، قوارب، جبل – وهي مُمثَّلة هنا في أعمال لفنّانين يابانيّين وإسرائيليّين ومترجَمة إلى لغة الحقبة التي تمّ إنشاؤها فيها. يتمّ فحص عنصر الموجة من خلال أعمال فنّيّة يكون هو فيها بمثابة قوّة طبيعيّة أنيقة، خطّ حدوديّ أثيريّ واستعارة للعزلة الاجتماعيّة وتمثيل للقلق الوجوديّ، وليس بالذات القلق المرتبط بالكوارث الطبيعيّة. ويرتبط عنصر القوارب بين الأمواج بأعمال فنّيّة حربيّة في الفنّ اليابانيّ وبأعمال فنّيّة تتناول الارتقاء الشخصيّ والقوميّ في الفنّ الإسرائيليّ. ويظهر جبل فوجي في المعرض في أعمال فنّيّة يابانيّة تقليديّة تبرز وجهات النظر المختلفة حوله، إلى جانب أعمال فنّيّة إسرائيليّة أخرى تعبّر عن الانجذاب نحو الجبل. كما يمنح المعرض مساحة للفنّانين الشباب الذين يتفاعلون مع العمل بوسائل بصريّة متنوّعة وبطريقة متحدّية ومغايرة.

Image: ERZOO, Full Circle, 2024, courtesy of the artist

تقدّم القراءة الفرديّة للعمل الفنّيّ تفسيرات مختلفة، مثل كونه تعبيرًا عن عبادة جبل فوجي المقدّس؛ علاقته بالوضع الشخصيّ الصعب لهوكوساي – وفاة زوجته، والسكتة الدماغيّة التي أصيب بها، وحفيده الذي تورّط في القمار وشكّل عبئًا ماليًّا بالنسبة له. تقدّم الأدبيّات أيضًا قراءة سياسيّة وطنيّة يُوظَّف فيها الوصف كنايةً عن حالة عدم اليقين التي هزّت اليابان عندما خرجت على مضض من حصار طويل الأمد نحو فتح أبوابها أمام الغرب، وعن الأزمة الاقتصاديّة الشديدة التي مرّت بها في ثلاثينات القرن التاسع عشر. اليابان خبيرة بالزلازل والتسونامي ("تسو" = ميناء؛ "نامي" = موجة)، وعلى الرغم من ذلك، فإنّ موجة هوكوساي العظيمة لا علاقة لها بظاهرة التسونامي الطبيعيّة. في هذه المطبوعة يتناول هوكوساي الموجة باعتبارها استعارة أكثر من كونها ظاهرة طبيعيّة. التفسير الفنّيّ للأعمال اللاحقة هو وحده الذي يربط بين الموجة العظيمة وظاهرة التسونامي.